سنُلدغُ دائمًا




لم أكن أؤمن في صغري بالشرورِ الإنساني بشكلٍ كاملٍ، وكنت أظن أنه نوعٌ من المبالغةِ في وصف الأفعالِ الخاطئةِ، لكنه وبمرور الوقتِ ادركتُ غيرَ ذلك. أدركتُ مدى صدق القَصَص المرويّ عن السابقين عن سوء أفعالِهم. كنتُ صغيرًا لا أجدُ لها تفسيرًا، أو لا أريدُ تفسيرها، لأنها في جميع الأحوال ستؤول لشعورٍ لا أحبذه.

 

اكتسبتُ ذلك الشعورَ غيرَ اللطيفِ بعدم الثقة مع مرورِ الوقت وتراكم الخبرات. ذلك الشعور بالترقُّبِ الدائمِ لأىّ فعلٍ غير متوقع نابعًا من السوادِ في نفوسِ الغير. لم يأتِ ذلك فراغًا، فقد كنت ساذجًا كبيرًا في موازنةِ معاييرَ الخيرِ والشرِّ وكنت أظن أن الخيرَ سائدٌ طالما أننا نبادر بالخير، لكن الحقيقة غيرَ ذلك تمامًا.

 

طالما ظلّت العلاقات الانسانية داخل إطارِ المشاعِرَ التى لا دخلَ لها بالمصالحِ الذاتيّة أو الامراض النفسيّة لكل فرد، ظلت العلاقات في إطار المودة. والتي كنتُ أعتبرها دائمًا صادقةً تمامًا. ويا لعجبِ المفاجآت التي تظهر في حالةِ تعارض وتشابك الأمور مع الأمراض النفسية الخاصة بغيرنا وبأنفسنا.

 

تتوازنُ الأمورُ مع مرورِ الوقتِ، وتندثرُ المشاعرَ السلبيةِ تدريجيًا بعد المعارك الحياتية، لكنها تترك نُدُبًا لا يمحُ أثرها الزمن ابدًا. ويصبح عدم الثقة وعدم الشعور بالأمان تجاه المجهول هو الشعور العام مهما استعاد المرءُ مشاعره السابقة بالحبِّ والودِّ للعالم. يظل أثرُ تلك الندب يذكّر المرء حين يتمادى في شعوره الايجابي ألا يتمادى أكثر من اللازم حتى لا يُلدغ مجددًا.

 

لكن لذلك لن يحدث ابدًا...

وسنُلدغُ من جديد...


____________________

مصدر الصورة: Gettyimages


To Top