يأتِينا كلَ عامٍ ضيفٌ مباركٌ. نَرنو إليه قادمًا
بالخيراتِ. ليْسَ من الضيوفِ له مثيلٌ. فما مِن ضيفٍ له روحٌ مثلُه. إنَّه شهرُ
رمضان المعظمِ مصحوبًا بكرمِ اللهِ. ونحن نعلمُ ذلك لكننا لسنا بتلكَ المروءةِ
لنستحقَّ ذلك الكرمِ.
ونشعرُ بالأملِ..
تبدأُ مراسمُ استقبالَ الضيوفِ بالسعي. إلا أنّه
يحلُّ فجأةً رغم علمِنا بموعدِه، فنرتبك ونحاولُ أن نُلملمَ شتاتَ أمورِنا لتستقم.
ونشعرُ بالرهبةِ..
نبدأ بترويضِ أنفسِنا لاحترام وجودِه إلا أن
أيامه تتسلل رويدًا رويدًا، وكأنَّها كالعقدِ المنفرطِ الذى تتساقطُ حباتُه واحدةٌ
تلوَ الأخرى، ولا نملك مع الذى يحدثُ حولًا ولا قوةً..
ونشعرُ بالخيبةِ..
إننا لم نحسنْ الإعدادَ ولم نفلحْ في الاستقبال.
وما أن ندركَ ذلكَ حتّى نرى الضيفَ راحلًا. كعادتِه يخرجُ من البابِ إذا أتى
موعدُه. ويتركُنا لوّامينَ لأنفسِنا بكاءين على ما فاتنا.
ونشعرُ بالخسارةِ..
يا ليتنا أحسنّا الإعدادَ، يا ليتنا أحسنّا
الاستقبالَ، يا ليتنا أحسنّا الضيافةَ. ها قد رحلَ الضيفُ مسرعًا ولا نعلمُ
أسنراهُ مجددًا أم سيكون وقتُنا قد حان، أم سيكونُ وضعُنا قد ساءَ. لا نعلم.
ثم نشعرُ بالأملِ..
نهدِّئُ من روعِنا ونذكرُ بعضَ الخيرَ في نوايانا.
ونذكرُ بعضَ الخيرَ في أفعالِنا. لكنه ذلك السؤالِ المحيّرِ يظهرُ من جديدٍ، نتساءلُ
عن صدقِنا، نتساءلُ عن فكرِنا، نتساءلُ عن قلبِنا، أصائبةٌ وجهتُنا أم فاسدة!!
ونشعرُ بالتيهِ..
لا نعلمُ سوى أن الضيفَ قد رحلَ.. وقد خِبنا
وخَسرِنا.. يعودُ الأملُ.. إلا أنّنا نتوهُ..
ولا نملكُ سوى أن نلجمَ فرسَنا ونعاود الانطلاق.
لا ندرى ما الذي سيحدثُ وما الذي ستؤول إليه أحوالُنا. ولا نملكُ إلا أن نواصلَ
السعيَ..
نسعى لأنْ نحسنَ نوايانا، وأن نعوَّضَ خسائرَنا،
وأن نبدأُ من جديدٍ في رحلةٍ جديدةٍ لا نعلمُ ما ستقودنا إليه خُطانا.
ونسأل اللهَ التوفيق..
ثم نشعر بالأمل..
مصدر الصورة: Pexels