شخابيط.. لا طائل منها

 


لِماذَا يضيع النَّوْم مِن أَعينِنا بِهَذه السُّهولة؟

لِماذَا يَستيْقِظ ضميرُنَا فِي تِلْك اللَّحظات لِيلومنَا على وقْتنَا الضَّائع وَجهدِنا المبْذول فِي مَا لَا طَائِل مِنْه؟ وعن إِهمَال النَّافع مِمَّا نَحْن مسْؤولون عَنْه؟ لِماذَا تَتَراكَم اَلهُموم كُلهَا لِتنْفَجر فِي عقْلنَا فِي تِلْك السَّاعات المتأخِّرة رَغْم مُحَاولَة التَّخَلُّص مِنهَا ؟

لِماذَا لَا نَنَام؟

 

وَفِي حَياتِنا، مَا اَلسبِيل إِلى الرَّاحة النَّفْسيَّة ومَا نَحمِل مِن هُمُوم دَاخلِية وخارجيَّة. حَتَّى أَصبَح قَلقُنا على غيْرنَا يُؤَرقنَا أَكثَر مِئَات المرَّات مِن قلقنَا على أَنفسِنا. بل وَإِن قلقنَا على أَنفسِنا قد يَأتِي فِي مَرْتَبة مُتَأخرَة جِدًّا مِن أوْلويَّاتنَا ومَا عليْنَا فِعْله مِن الاهْتمام بِالذَّات وتطْويرهَا!

أم أنَّ هذَا التَّشَتُّتِ هُو مِن أحد أَسبَاب القلق!

 

هل اَلسبِيل لِلرَّاحة هُو الاسْتسْلام لِنكون "عاديِّين". تِلْك اللَّعْنة اَلتِي تُصيب مُعظَمنا. شخصٌ يَأكُل ويشْرب وَيَنام ولَا يُقْلِق على أيِّ شَيْء سِوى مَاذَا سيأْكل غدًا. ذَلِك العقْل وتلْك النَّفْس اَلتِي تَتَجنَّب أيَّ نَوْع مِن التَّحَدِّي وأيِّ نَوْع مِن المخاطرة!

حَتَّى أَنهَا تَتَجنَّب التَّخْطيط لِلْمسْتقْبل؟!

 

 كَيْف نُخطِّط لِلْمسْتقْبل أساسًا فِي ظِلِّ تِيه الحاضر؟! أنظَلُّ نُطَارِدُ الأوْهامَ ونرنو بِأرْواحنَا لِلْأحْلام الفارهة وَأقَدامنَا لا تزالُ عَالِقةً فِي أَصفَادِ الماضي. فبجهْلنَا حَقِيقَة اَلأُمور وتعْقيدات الحيَاة مَا بَيْن خُطُوط مُتوازية لَا تَتَقاطَع أبدًا، ودوائر مُتشابكة شَدِيدَة التَّعْقيد تَربُط مصايرنَا بِمصاير غيْرنَا.

فَنصبح فِي حَالَة تِيه تمامًا لِمَا يَجِب عليْنَا فِعْله.

 

تَتَألَّم النَّفْس لِخطاياهَا أَمَام اَللَّه وكيْف تَجرأَت على معْصيَته رَغْم عِلْمهَا حَقِيقَة عَظمَتِه. وَفِي كُلِّ مَرَّة تُذْنِب فِيهَا تَقُول تِلْك آخر مَرَّة.

كَيْف أنَّ آخر مَرَّة تِلْك كَانَت فِي أَوَّل مَعصِية؟

 

مَا اَلسبِيل إِلى تِلْك الحيَاة الهادئة؟ دُون المشاكل، دُون القلق، دُون الصِّرَاع الدَّاخليُّ والْخارجيُّ؟ أُمٌّ أنَّ كَلمَة " هُدُوء" لَا تَتَناسَب أساسًا مع كَلمَة "حَيَاة" وأنَّهَا لَن تَمُر هَانِئة أبدًا. إِلَّا لَو كان ذَلِك اَلجُهد حقًّا مَا يُؤدِّي لِلْهدوء.

لَيْس هُدُوء الدُّنْيَا وَلكِن نعيم اَلآخِرة؟!

 

نَحلُم بِالْفرْدوْس ومَا نَستَحِق حَتَّى تَنسَّم عبير تِلْك الجنَّة لِلحْظة وَاحِدة. كَيْف اَلوُصول مع كُلِّ ذَلِك الإهْمال وتلْك الأخْطاء؟ كَيْف اَلوُصول بِكلِّ السَّوَاد فِي نُفوسِنَا! بِكلِّ تِلْك اَلهُموم! ونطْمع بِفرْدَوْس الدُّنْيَا؛ الْحياة الهانئة ورفقَاء الدَّرْب مِن الزَّوْج والصَّحْب.

إلا أن اَلطرِيق شَائِكٌ شَائِكٌ؛ مليء بِالْعقبات، ملِيءٌ بِالْهموم.

 

أُمٌّ أنَّ ضَيَاع ذَلِك النَّوْم هُو عِقَابٌ لِلْجهْل! عِقَابٌ لِجَهل كُلِّ مَا سبق. عِقَابٌ لِكلِّ وَقْت يَمُر دُون قِيمة مُحَققَة أو نَفْع مَردُود لِلذَّات أو لِلْغيْر؟ لِماذَا لَا يَستسْلِم العقْل أحْيانًا كاسْتسْلام النَّفْس لِلذُّنوب فِي بَعْض اللَّحظات!

لِماذَا لَا يَتَناسَى!

 

لِماذَا لَا أَنَام حقًّا؟!


To Top