ماذا سيقولُ الناسُ عنكِ؟!
ذلكَ السؤالِ الذي يتبادرُ قبلَ كلِّ شيءٍ من
لسانِ أمٍ تلومُ ابنتها التي فعلتْ شيئًا خاطئًا من وجهةِ نظرِ المجتمعِ. ليسَ
لأنهُ خطأٌ اعتبارًا للمعاييرِ الأخلاقيةِ والفطريةِ في الدينِ، ولكنَ خوفًا مما
سيقولهُ الناسُ.
سيلومُ الأبُ ابنهُ الذي يودُّ أنْ يصبحَ مصممًا
مبدعًا، وأنَ الناسَ سيأكلونَ وجههُ لأنهُ لمْ يلتحقْ بكليةٍ - مما يطلقَ عليهمْ
المجتمعُ كلياتِ قمةٍ - كالطبِ والهندسةِ. وهكذا تتكررُ مثل هذهِ النقاشاتُ ضمنَ
ما يعتبرهُ الناسُ صوابًا أوْ خطًأ في شتى نقاشاتنا الحياتيةِ في اختيارِ أدقِ
تفاصيلِ معاشنا، وحتى بعدَ مماتنا.
من أهمِ أسبابِ شتاتِ حياتنا عدمُ وجودِ المرجعية
الثابتةٍ. ذلكَ لأننا تخلينا عنْ تلكَ التي أُنزلتْ إلينا دستورًا من السماء،
وتمسكنا بما يتوافقُ معَ المجتمعِ حولنا مهما كانتْ عيوبهُ. أصبحتْ هويتنا خاضعةً
لما يقبلهُ من حولنا. أصبحنا إمعةً تحركنا أصابعَ الذينَ يتحكمونَ في حياتنا؛ عنْ
طريقِ ما يبثُ لنا في الإعلامِ وفي الصحفِ ووسائلِ التواصلِ الاجتماعيِ. وإياكَ
ثمَ إياكِ أنْ تشذَّ عن الجموعِ الغفيرةِ وإلا سيقالُ عنكَ رجعيٌ أوْ مجنونٌ.
ظهرَ اتجاهٌ آخرُ يتحدى تلكَ القيودِ المجتمعيةِ
المتوارثةِ. ويا حسرتاهُ، لمْ يكنْ ليكسرَ قوانينَ المجتمعِ الجاهليةِ، ولكنْ
ليكسر القواعدَ الفطريةَ التي يحافظُ الدينُ عليها. وبدلًا من ذلك خُلقت قيودٌ جديدةٌ
تحت مسميات أوروبية حديثة. وبدلًا من أن يساعدَ التقدمُ على العودة للفطرة خلق
مجتمعًا حيوانيًا تحركهُ غرائزهُ ونزواتُه.
إن المجاهرةُ بالمعصيةِ أكثرُ ما يدمرُّ
المجتمعاتِ، تحديًا للمألوفِ وعنادًا. فحتى يقبلَ الناسُ ما كانَ خطًأ في الماضي
عليكَ أنْ تجعلهمْ يعتادونَ عليهِ في الحاضرِ. ولأنَ تجعلهمْ يعتادونَ عليهِ عليكَ
أنْ تجاهرَ بهِ، بلْ وتفخرُ بذلكَ. وإذا أردتْ تثبيتَ أسسِ معاييركَ الجديدةِ
عليكَ أنْ تُحقِّرَ مما يتبعونهُ.
من منا لا يخطئُ!
من منا بلا أخطاءٍ أحنتْ ظهرَهُ!
من منا بلا معاصٍ تؤرقُ ليلَهُ وتنزعُ من قلبهِ الطمأنينةَ!
لسنا ملائكةً ولكنْ ذلك لا يجعلنا شياطينَ. لا يجبُ أنْ نفخرَ بأخطائنا اعترافًا
بضعفنًا فالأولى من ذلك ان نحاول إصلاحٍ ذاتِ بيننا. خلقنا اللهُ بضعفنا وعيوبنا
وهو يعلم ذلك، لكنهُ خلقَ فينا ما نميزُ بهِ بينَ الحقِ والباطلِ، ولمْ يتركنا
لنتوه دون دليل.
عسى أنْ يهدينا اللهُ..
ويرزقنا حسنَ الفطرةِ..
وحسنَ الفهمِ.
____________________
مصدر الصورة: Snapdeal